لا يمكن لأحدٍ أن يدعي أنه سافر إلى الممالك الشمالية دون زيارة نوفيجراد. وإذا وجدت نفسي مضطرًا لسرد أكثر ما أثار إعجابي خلال أسفاري الكثيرة، فلن أجد أمامي سوى سرد مزايا هذه المدينة العظيمة والحرة في نفس الوقت.
إنها مدينة جديرة بأن تكون جزءًا من الإمبراطورية، ولكن عيبها الوحيد هو أن ضوء حضارة نيلفجارد لم يصل إليها بعد. لذا، يسكن مبانيها الرائعة ويستفيد من بنيتها الأساسية التجارية القوية جحافل من الطائفيين الرجعيين المنتمين لكنيسة النار الأزلية. انتشرت شائعة مفادها أن الزعيم الديني المحلي وحرس معبده يفرضون سيطرتهم على سكان المدينة، ولكن الحقيقة أن عدد سكان هذه المدينة لا يتعدى 30000 مواطن، وهذا ليس عددًا كبيرًا يصعب السيطرة عليه.
أثناء التجول في أنحاء مينائها الخلاب المحاط بالتحف المعمارية الرائعة، يصعب تخيل أن مدينة نوفيجراد لم تكن سوى مكان يسكنه الإلف منذ قرون مضت. وعندما سقطت المدينة في أيدي الشماليين، زادت مشكلاتها بسرعة، لأنه من المعروف أن الشماليين لا يستطيعون التعايش مع غيرهم بسلام. وبالتالي، انتمت مدينة نوفيجراد إلى ريدانيا أولاً، ثم صارت خاضعة لحكم تيميريا، حتى أصبحت أخيرًا بعد مساومات واتفاقيات كثيرة، مدينة حرة.
ولكن هل تم تحرير المدينة حقًا؟ أشك في ذلك. فتأثير حكم ريدانيا قوي للغاية ويمكنك الشعور به في كل زاوية وكل شارع، وأكبر دليل على ذلك أن المدينة تقع في نطاق منطقة حكم رادوفيد...
أثناء تجولي في شوارع المدينة، مررت بأربع طواحين مائية، وثمانية بنوك وحوالي تسعة عشر متجرًا للرهونات. ويوجد أيضًا العديد من الحانات والمقاهي، كما أن المدينة تزخر بما لا يقل عن تسعة عشر معبدًا للنار الأزلية بلا مبالغة، وذلك التزامًا من سكانها بترسيخ مبدأ الإيمان!
ماذا أيضًا يمكن أن يُقال؟... أعتقد أن مدينة نوفيجراد تتمتع بكل ما يؤهلها لتكون عاصمة العالم وربما تصبح كذلك فعلاً في يوم من الأيام. ولكن، أولاً، يتعين على أحدهم تحقيق النظام في أرجائها.